الكلمة السامية التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – أمام أعضاء مجلس الشورى في حفل افتتاح أعمال السنة الرابعة من الدورة الرابعة.

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد .

أيها الأخوة أعضاء مجلس الشورى:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

على بركة الله وبعونه وتوفيقه نفتتح أعمال السنة الرابعة من الدورة الرابعة لمجلس الشورى سائلين المولى عز وجل أن يبارك جهودنا ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم متضرعين له أن يتم علينا نبل المقصد ، وتوفيق التجربة ، وصواب التفكير ، وصفاء الإخلاص ، في عالم قاس قلق متقلب لا يصون تجربتنا وإنجازاتنا فيه إلا رحمة الله تعالى بنا ثم الوعي الكامل بمسار التجارب الإنسانية التي لم تسرع الخطى قبل أن تعرف الطريق التي تمشي عليها.

أيها الإخوة الكرام ...

يمثل الاستقرار السياسي مطلباً أساسياً للمحافظة على كيان الدولة ، وتحقيق التنمية وحماية منجزاتها ، ومن هنا فقد تم إكمال منظومة تداول الحكم بإصدار نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية وتكوين هيئة البيعة ، كما جرى تحديث نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وتخصيص سبعة مليارات ريال لتطوير السلك القضائي والرقي به .

وفي المجال الاقتصادي عملنا على تحسين مشاريع البنية الأساسية القائمة وتطويرها ، كما تم اعتماد مشاريع جديدة في القطاعات المختلفة وبشكل يحقق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة ، إذ تم تخصيص (165) مليار ريال في ميزانية العام الحالي للإنفاق على المشاريع الجديدة والقائمة ، وستسهم هذه المشاريع –بعون الله وتوفيقه- في رفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل .

كما نال قطاع التعليم والتدريب نصيبه من الاهتمام ، ونأمل أن يسهم مشروع (تطوير) في مجال التعليم العام بتطوير قدرات الطالب السعودي وجعله قادراً على استيعاب المستجدات العلمية ، فالتعليم العام هو الأساس لأي نهضة علمية وتنمية حقيقية ، أما التعليم العالي فقد شهد نقلة كبرى حيث زاد عدد الجامعات ليغطي كافة مناطق المملكة .

أما في مجالي الطاقة والبيئة فقد حظيت باهتمام قيادتكم ، تجسد ذلك في انعقاد مؤتمر القمة الثالث لدول أوبك في شهر نوفمبر في الرياض ، وما نتج عنه من إعلان المملكة العربية السعودية تخصيص مبلغ (300) مليون دولار لتمويل البحوث المتعلقة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي .

إن حكومتكم –حين ترسم سياساتها وتضع برامجها- تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة ، وتلمس احتياجات المواطنين والتصدي لأي مشكلة أو ظاهرة تبرز في المجتمع السعودي ، ومن هذا المنطلق تم إنشاء عدد من الهيئات والإدارات الحكومية والجمعيات الأهلية التي تعنى بشؤون المواطنين ومصالحهم ، ومنها (الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد) ، و (الهيئة العامة للإسكان) و (جمعية حماية المستهلك) كما تم إنشاء وحدة رئيسية في وزارة التجارة والصناعة بمستوى وكالة تعنى بشؤون المستهلك ، وستعمل الحكومة _بعون الله تعالى- على تحقيق النمو ورفع مستوى معيشة المواطن ، وتحسين نوعية حياته .


أيها الإخوة الكرام ...

لقد سعت الفئة الضالة إلى تطوير قدراتها التدميرية بغية الحاق أكبر ضرر بالوطن ومنجزاته ، كما وسعت من قاعدة دعمها ، بيد أني أؤكد لكم استمرارنا وعزمنا على التصدي لهذه الفئة ، وقد حقق إخوانكم رجال الأمن البواسل انجازات متتالية في تفكيك خلايا الفئة الضالة ، وتجفيف منابع تمويلها ، وكشف حقيقة فكرها ، فلهم الشكر والتقدير وتغمد الله الشهداء منهم بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته .

أيها الأخوة ..

لقد شهدت القضية الفلسطينية في الأشهر الأخيرة تطورات نأمل أن تعزز من خيار السلام ، وفي هذا المجال نؤكد على موقف المملكة العربية السعودية حكومةً وشعباً الداعم للشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه المشروعة ، كما نجدد التزام المملكة بمبادرة السلام العربية.

أيها الأخوة الكرام...

من هنا أخاطب كل مواطن وأقول : عندما أوصيكم ونفسي بمخافة الله ، والحرص على ألا يكون بيننا ظالم ومظلوم ، وحارم ومحروم ، وقوي ومستضعف ، فنحن جميعاً أخوة متحابون في وطن واحد يتمسك بعرى عقيدته ، ويفتديها بحياته ، ويتمسك بوحدة الوطن ، لا يسمع نداءات الجاهلية ، سواء لبست ثياب التطرف المذهبي أو الإقليمي أو القبلي . إن دولتكم الموحدة القوية سوف تبقى ، بإذن الله ، أقوى من كل التحديات ويجب أن يعرف الجميع ، في الداخل والخارج ، أن فترة الفوضى والشتات التي قضى عليها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود –رحمه الله- قد ذهبت بلا عودة ، ولن تكون بعون الله إلا ذكرى ترسخ فينا مفاهيم الفضيلة والانتماء لهذا الوطن ، انتماء يقدر الصعوبات ويحيلها إلى تصميم وإرادة وتغيير .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،