مجلس الشورى عام 1360هـ

"بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل

إلى حضرة المكرم الابن فيصل رئيس مجلس الشورى                                سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:

فقد اطلعنا على التقرير السنوي لمجلس الشورى، وأعماله في عام 1359هـ، برقم 346 في 21 ذي الحجة 1359هـ، ونرغب أن تنقلوا للمجلس أمنياتنا عن مساعيهم وجهودهم المشكورة وحسن ثقتنا بهم.

وأن هذه الثقة تحملنا على تمديد مدة عملهم سنة أخرى اعتباراً من غرة محرم 1360هـ.

ونسأل الله لكم ولهم التوفيق والنجاح".

وعلى إثر ذلك تقدم حضرة عضو مجلس الشورى أحمد إبراهيم الغزاوي، وألقى باسم المجلس الكلمة الآتية:

"بسم الله الرحمن الرحيم

يا سمو الأمير المعظم:

أن مجلس الشورى الذي تشرف الآن حفل افتتاحه الجديد بمناسبة تمديد دورته لعام 1360هـ، والذي يحظى باستقبال نائب جلالة مولانا الملك المفدى في شخص سموكم المحبوب. إن هذا المجلس ليجد نفسه معموراً بالعطف الملكي الغالي تجاه ما أولي من ثقة وتشريف وتشجيع، وإنه لمن الحق أن يضاعف ذلك من جهوده، وخدماته كلما نظر فرأى أن في هذه الجهود، وهذه الخدمات إرضاءً لضميره وأداءً لواجبه وقياماً بأمانته، وخدمة لأمته وبلاده وحكومته، هذه الحكومة التي شعارها (التوحيد) ومنارها (الكتاب) ومنهجها (السنة) وسيرتها (الإحسان).

وإذا كنا نشعر اليوم بسرور وافتخار عظيمين بما منحنا جلالة الملك من عناية وتوجيه وثقة وتكريم؛ فإننا لشديدوا الحرص في الوقت نفسه على ماكان سبباً مباشراً لذلك، ولقد عقدنا النية على أن نستديم هذا الالتفات العالي بالجد والدأب ما وسعنا الوقت وأمدنا الاختصاص فيما نحن بسبيله من معالجة المصالح العامة، واقتنفاء خطى جلالته في إنهاض الشعب، والتدرج به نحو الأهداف المنشودة التي أخذ يقرب منها وتقترب منه رغم ما تعانيه الأمم في مشارق الأرض، ومغاربها من ويلات الحروب ومشاكل الحياة ومتاعبها.

يا سمو الأمير المحبوب:

إن البلاد بأجمعها لتنعم اليوم – والحمد لله العلي الأعلى – في ظل جلالته ما لم يسبق لها أن تمتعت به طوال القرون البعيدة، وما لم تكن تحلم به من أمن وعدل وسلام واطمئنان، وما من أحد من رعايا جلالته، إلا وهو مؤمن من أعمق قلبه بأنه أسعد الناس طرباً بحكمه، وأوفرهم حظاً ببره، وأطلقهم لساناً لشكره، وهي نعم عظيمة تتقاضانا أن لا نفتر عن الحمد والشكر لله تعالى، والاستزادة منها أناء الليل وأطراف النهار.

ولقد تحملنا هذه المناسبة السعيدة على أن نشيد في كثير من الإعجاب والتقدير بما لسموكم على هذه الأمة التي تتنافس جميع طبقاتها في حبكم وإجلالكم من الأيادي البيضاء والمنن الخالدة، وما تحبونها به من عطف ورعاية وإشفاق مضافاً إلى ذلك ما يتمتع به هذا المجلس من تعضيدكم وتأييدكم في جميع ما يوافق الصواب فيما يعرض له من الشؤون ويمارسه من الأعمال. ذلك التعضيد الذي هو قبس يستضئ به في مناقشاته، ويعتمد عليه في قراراته والذي مافتئنا نلمس فيه آية بعد أخرى على ما خصكم به الله تعالى من مواهب الحكمة والرؤية وما أتاكم من بعد النظر في كل دقيق وجليل.

ولم يزل صدى خطابكم السامي في الدورة السابقه يتردد في أسماعنا، ويتجاوب في نفوسنا ويأخذ بمجامع قلوبنا بما اشتمل عليه من أراء صائبه، ونصائح مازلنا نستهدي بها ونتواصى عليها.

لذلك يروق لنا أن نقصر من زخرف القول، وأن نجعل من العمل المتواصل، والإنتاج المثمر بتوفيق الله تعالى ثم بمساعدة سموكم ما يكون أفصح لساناً، وأبلغ بياناً للإعراب عن إخلاصنا والإعلان عن شكرنا فذلك أدعى إلى الغبطة والارتياح، وأوفى إلى تحقيق الغاية المتوخاة، وهو ما عاهدنا الله به ورضنا أنفسنا على أن نتوفر عليه ونجتهد فيه وبالله الاستعانة وعليه الاتكال.

وإننا في مستهل هذه الدورة القادمة وفي مطلع العام الجديد لنسأل الله من صميم أفئدتنا ويشاركنا في هذا الدعاء كل من تظله هذه السماء أن يطيل بقاء جلالة مولانا الملك المعظم وأن يمده بتوفيقه، وأن يؤيده بنصره، وأن يمحق أعداءه، وأن يصلح أولياءه، وأن يجز به عنا خير ما جازى به راعياً عن أمته، وأن يحفظ سمو ولي العهد المعظم، وسموكم المحبوب، وجميع أعضاء الأسرة الملكية ذخراً للأمة والبلاد إنه سميع مجيب".

وبعد ذلك تفضل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبد العزيز بإلقاء خطاب الاقتتاح، نيابة عن حضرة صاحب الجلالة الملك عبد العزيز، جاء فيه:

"بسم الله الرحمن الرحيم

لاشك أن العبء الملقى على أكتافنا جميعاً في هذه الدورة ثقيل، ولكن مادام رائدنا الصالح العام في الأعمال فالنجاح مضمون بإذن الله، ولا أجدني في حاجة إلى استنهاض الهمم في التعاون والتعاضد في جميع الأعمال والمشاريع العائدة للأمة والبلاد وتضاعف تعاضدنا وتآزرنا فيما نحن مسئولون عنه وأن نجعل رائدنا:

أولاً: الإخلاص في العمل.

ثانياً: توخي الأصلح في كل شيء.

إننا بشر مخلوقون ومعرضون للخطأ والصواب، ولكن مادام رائدنا الإصلاح فإن أصبنا فذلك المطلوب، وإن أخطأنا من غير قصد، فالله سبحانه وتعالى يعفو عن الخطايا وهو الموفق للسبيل السوي.

ليس منا من يجهل ما تعانية البلدان الأخرى من نكبات الحرب حتى التي لم تشترك فيها، وإننا بفضل الله سبحانه وتعالى نعتبر هذه البلاد ونحن سكانها من أسعد الناس، ولاشك أن هذا من نعم الله العظيمة علينا والتي تستوجب الشكر لا بمجرد النطق فقط بل بالأعمال الصالحة حتى يكون الإنسان مخلصاً تجاه ربه، وتجاه نفسه وتجاه بلاده، فإذا شكرنا الله سبحانه وتعالى بهذا الإخلاص فلاشك أن النعمة تتضاعف علينا.

نسأل الله أن يوفقنا جميعاً ويرزقنا الصواب في جميع أعمالنا وأن يديم علينا ما نحن فيه من نعمة منعمة، ونعمة التآخي به ونعمة التآزر.

إن من دواعي الإيمان أن نعتبر الكبير في السن والدنا، والوسط أخاً، والصغير ابناً.

والآن باسم الله ثم نيابة عن صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله تعالى، أفتتح أول جلسة لمجلسكم الموقر في دورته الجديدة".